في قلب مدينة سان دييغو، اجتمع الآلاف من خبراء التسويق والمحتوى في مؤتمر التسويق بالمحتوى العالمي Content Marketing World، حيث بدت شرارة الإلهام واضحة على وجوه الحاضرين، بعد أن كشفت الأبحاث السابقة عن فتور في حماسهم تجاه الاستراتيجيات التسويقية التقليدية. هذا المؤتمر كان بمثابة بصيص أمل، بطرحه لـ”أفكار تسويقية خارج الصندوق” أشعلت شرارة الإبداع من جديد في عالم المحتوى والتسويق.
إليك عزيزي صناع المحتوى، خمس أفكار عميقة نوقشت في المؤتمر، ستلهمك بالتأكيد لتغيير قواعد اللعبة في عالم التسويق بالمحتوى لعام 2025 وتجعل علامتك التجارية مصدر إلهام للجميع.🌱

محتويات المقال
أفكار تسويقية خارج الصندوق: خطوات عملية من داخل مطبخ التسويق
1. فكرة تخطف الأنظار وتستهوي القلوب: كيف تبني علامة تجارية تُثير الحماسة؟

من بين أبرز الأفكار التي طُرحت في مؤتمر “Content Marketing World” لعام 2023، كان العرض الذي قدمه إيثان برادن، نائب الرئيس ومدير التسويق والاتصالات في جامعة تكساس إيه أند إم. متحدثًا عن أهمية أن تكون العلامة التجارية مصدر إعجاب وكيف تزيد من الطلب عليها.
في أواخر العام الماضي، انتقل إيثان إلى جامعة تكساس إي أند إم من جامعة بوردو، حيث ترأس برامج المحتوى والتسويق الحائزة على جوائز.
عرض إيثان مثالًا رائعًا باستخدام شعار محفور على حجر بداخل الحرم الجامعي مكتوب عليه: “من الخارج تبدو وكأنك لا تفهمها. ومن الداخل تبدو وكأنك لا تستطيع شرحها.”
هذا الشعار كان تحدي بالنسبة له، وأيضًا سبب لجذب الكثير من الطلاب من جميع أنحاء العالم.
التحدي الذي واجهه إيثان — أن يروي قصة مُبهرة عن جامعة تكساس A&M للعالم الخارجي بطريقة تميّزها عن المنافسة، المتمثلة في 4000 مؤسسة تعليمية أخرى!
لقد وجد إيثان شرارة الإلهام في كلمة “الإبهار”، وعلى الرغم من أن المفردة قد تبدو مستوحاة من فلسفة ديزني، لكن لتلمع بذهنه جملة واحدة:
“إثارة إعجاب استثنائي ورغبة شديدة تجاه شيء ما.”
ولكن كيف يمكن لعلامتك التجارية أن تحقق ذلك؟
يحدد إيثان المبادئ الأربعة التي تجعل علامتك التجارية رائعة (أو يجب أن أقول، “قابلة لإعادة إشعال الشرارة”)، حيث سعى لجعل الجامعة محط إعجاب وطلب بتلك المبادئ، وهي:
- العلامات التجارية العظيمة تعبر عن شيء ما أو عن شخص ما.
أشار إيثان إلى علامات بارزة منها نايكي – Nike مثالًا على ذلك. حيث يجذب التعبير عن قيم معينة لك بعض من جمهورك المستهدف، لكنه قد ينفّر البعض الآخر في الوقت نفسه. لذا قرر ما الذي تمثله علامتك التجارية ومن هو جمهورك المستهدف.
- العلامات التجارية العظيمة تقدم نتائج، لا مجرد ميزات.
شارك إيثان اقتباسًا رائعًا لـ توني آيفز: “كن مسكّنًا للألم، لا مجرد فيتامين.”
موضحًا أنه ينبغي على الناس أن يتناولوا الفيتامينات يوميًا، لكنهم غالبًا ما يهملون ذلك لأنهم لا يرون فائدة فورية.
في المقابل، يلجأون إلى مسكّنات الألم لأنها تحل مشكلة لحظية.
ما الدرس هنا؟
قدم شيئًا يحتاجه جمهورك الآن!
اكتشف النتائج التي يمكن لعلامتك التجارية تحقيقها لهم.
- تثير العلامات التجارية العظيمة المشاعر، لا تعتمد على الحقائق.
الغيرة.. الاحترام.. الخوف.. الراحة.. الحنين — كلها مشاعر يمكن لعلامتك التجارية إثارتها. شارك إيثان ملاحظة لافتة من سيث غودين:
“لا أظن أن أحدًا قد رسم وشم شعار سوزوكي على جسده، لكن ملايين الناس يدفعون المال لوشم شعار هارلي ديفيدسون.”
كيف تستغل المشاعر لبناء جمهور داعم؟
معلومة جانبية: شعار هارلي ديفيدسون، هو أكثر من مجرد رمز تجاري، فهو يمثل ثقافة كاملة وأسلوب حياة وخصوصًا لراكبي الدراجات النارية. يرتبط هذا الشعار ارتباطًا وثيقًا في الأذهان بالحرية، المغامرة، والروح المتمردة. وراسم هذا الوشم يُعلن صراحة أنه منتمي إلى مجتمع راكبي الدراجات!
- العلامات التجارية العظيمة تروي قصصًا عظيمة.
ما هي القصص التي ترويها علامتك التجارية؟
تمثل هذه المبادئ جوهر “أفكار تسويقية خارج الصندوق” مركزة على بناء علاقة عاطفية مع الجمهور.
الدرس التسويقي المستفاد: يجب أن تتبنى العلامات التجارية العظيمة قيمًا واضحة وتعرض نتائج ملموسة بدلاً من سرد ميزات فقط. ويجب أيضًا أن تثير مشاعر قوية لدى الجمهور، مثلما تفعل علامة “هارلي ديفيدسون” التي تثير مشاعر الولاء الشديد لدى متابعيها، وهو ما يجعلهم يضعون شعارها على أجسادهم.
2. الكفاءة ليست كل شيء: لماذا يجب أن تفكر ببطء؟

عندما نتحدث عن أفكار تسويقية خارج الصندوق، لا بد من التفكير في الجودة والكفاءة، لكن كان للمتحدثة آن هاندلي رأيًا آخر!
أسرت آن هاندلي انتباه الجمهور بحديثها عن موضوع يشغل بال الجميع الآن، وهو الذكاء الاصطناعي. أشادت آن بمزايا كفاءة الذكاء الاصطناعي التوليدي. لكنها سألت أيضًا:
«هل ينبغي أن تكون الكفاءة دائمًا الهدف؟»
كانت إجابة آن “لا” قاطعة.
وناقشت آن في حديثها كيفية أن السعي وراء السرعة والفعالية في صناعة المحتوى قد يعيق الإبداع. فهي ترى قيمة حقيقية في “اللا كفاءة” — فالتباطؤ يمنحك فرصة لأن تفكر تفكيرًا مختلف حول المحتوى الذي تُنتجه.
وتقول آن: «يجب على الشركات أن تمنح نفسها الوقت الكافي للتفكير بعمق، وأن تعيد النظر في تعريف مصطلح “بأسرع وقت ممكن (ASAP)” ليصبح: “بأبطأ وقت ممكن” وخاصة للمشاريع طويلة الأمد التي يمكن أن تترك تأثيرًا دائمًا.
بل إنها صاغت كلمة جديدة تجمع بين “البطء” و”اللحظة”، لتخرج بمصطلح مبتكر هو: “Slowment”. والتي تعني أن الأفكار العميقة لا تأتي دائمًا بسرعة، ولكنها تحتاج إلى وقت لتتبلور بشكل مؤثر.
الدرس التسويقي المستفاد: لا تتسرع في اتخاذ القرارات. في بعض الأحيان، الاستفادة من بطء التنفيذ قد يتيح لك التفكير بشكل أعمق والتوصل إلى أفكار تسويقية متميزة تترك أثراً أكبر على الجمهور.
3. استمر في البحث عن الإشراق: كيف يمكن للبيانات أن تضيء الطريق؟
ذكّرنا سيث ستيفنس-ديفيدويتز، مؤلف كتاب “Everybody Lies – الجميع يكذبون” وكتاب “Don’t Trust Your Gut – لا تثق بحدسك”
بأنّه لا بأس في غياب شرارة الإبداع الأولى ما دمت مستمر في المحاولة مجددًا.

روى سيث قصة مثيرة تؤكد أهمية الاستمرار في البحث عن الإلهام حتى وإن لم تكن النتائج واضحة منذ البداية، وهي:
“أراد جيف سيدر، استشاري سباقات خيول أصيلة، اعتماد استراتيجية مبنية على البيانات لتحديد أي الخيول ستكون فائزة بالجائزة الكبرى. بدأ جيف بدراسة حجم فتحات أنوف الخيول الفائزة، لكن تلك الفكرة لم تقدم أي معلومة مفيدة…
واصل جيف البحث في أفكار مختلفة، منها حتى قياس حجم فضلات الحصان، لكنها جميعًا باءت بالفشل!
وأخيرًا، اكتشف شرارة النجاح — حجم البطين الأيسر لقلب الحصان.
هذا الاكتشاف مكنّه من التنبؤ بظهور بطل مضيء في مضمار السباق — أمريكان فارو, الحصان الذي أصبح الفائز النادر بالثلاثية الكبرى في عام 2015.”
شارك سيث قصة أخرى ليبين كيف يمكن للبيانات أن تشعل نجاحًا مستقبليًا في مجال المحتوى والتسويق. لكنه أكد ضرورة معرفة القصة كاملة.
على سبيل المثال، عدد الإعجابات والمتابعات على وسائل التواصل الاجتماعي ليست بالضرورة إشارات دالة على نية الشراء أو زيادة المبيعات.
استخدم سيث مقارنة بين مجلتي “ذا أتلانتيك” و”ناشونال إنكوايرر” على منصة فيسبوك. لدى “ذا أتلانتي” عدد متابعين يفوق “ناشونال إنكوايرر” بـ45 ضعفًا. ومع ذلك، تبيع “ناشونال إنكوايرر” ثلاث مرات أكثر من النسخ.
ما الدرس هنا؟ استمر في البحث عن الشرارة، ولكن تأكد من قراءة القصة كاملة لتضيء طريق النجاح.
الدرس التسويقي المستفاد: البيانات مصدر مهم للإلهام إذا كنت على استعداد لتجربة أفكار مختلفة، حتى لو لم تكن النتيجة واضحة من البداية.
4. إخماد نيران إخفاقاتك: كيف تتعلم من الفشل؟

في إحدى القصص الملهمة من مؤتمر “Content Marketing World”، تحدثت ميليسا لو، عن كيفية مواجهة الفشل والانتقال إلى النجاح.
في البداية، كانت ميليسيا تقود بفريقها مبادرة تسويقية في شركة Salesforce، ليجدوا أنفسهم متصدرين المشهد بعد تعرضهم لهجوم شديد على المبادرة، أشعلوا بها مواقع التواصل الاجتماعي ليكتسبوا من بعدها شهرة سلبية!
رغم الفشل الأولي لتلك المبادرة، إلا أنها كانت الشرارة التي دفعت ميليسا وفريقها للعمل على برنامج أفضل. قرروا تغيير المسار وأطلقوا مشروع Salesblazer، الذي حصل على جائزة أفضل مشروع تسويق محتوى لعام 2024.
كيف تمكنوا من تحقيق ذلك؟
عادوا إلى أساسيات تسويق المحتوى — التركيز على مساعدة الجمهور في حل مشكلاتهم على القناة التي يفضلون استخدامها. (أنصحك بقراءة القصة الكاملة لمعرفة التفاصيل الدقيقة لما فعلوه).
الدرس هنا؟ أحيانًا، قد تكون النكسات هي نقطة البداية لإشعال النجاح الحقيقي.
الدرس التسويقي المستفاد: تعلم من الفشل، واعتبره فرصة للتطوير. العودة إلى الأساسيات والاهتمام بمشاكل الجمهور يمكن أن يكون مفتاحًا لتطوير حلول مبتكرة تُعيد إشعال نجاح حملاتك التسويقية.
5. نشر الفرح في العمل والحياة الشخصية: كيف تساهم السعادة في النجاح؟
تحدثت شابنام مغربي، المؤلفة كتاب “Harness the Power of Joy to Uplift and Inspire” عن كيفية استخدام الفرح والسعادة كأداة لبناء علاقات ناجحة وابتكار محتوى ذو تأثير إيجابي.
شاركت شبنام في تأسيس ” soul pancake سُول بانكيك”، وهي مبادرة تركز على محتوى رفع معنويات الإنسان وإضفاء معنى على تجربته البشرية بخلق المزيد من الفرح، مع راين ويلسون (من مسلسل “ذا أوفيس The office” الشهير).

أوضحت شابنام أن التوتر والقلق يسيطران على حياة الكثيرين، سواء في العمل أو على المستوى الشخصي، وركزت على أهمية الاختيار الواعي للسعادة في حياة الموظفين والعملاء، معتبرة أن السعادة تُعد “تمرد” ضد الضغوط اليومية، كما قدمت أدوات عملية لتحقيق ذلك:
- عبّر عن الامتنان:
الامتنان وشكر الآخرين هو السلاح السحري. الامتنان لا يقتصر على إسعاد المُتلقي فقط، بل يؤثر أيضًا بعمق في عقول الأشخاص الذين يعبرون عنه. - اكتشف “لماذا” الخاصة بك:
ما تفعله أقل أهمية من السبب وراء فعلك له. للوصول إلى هذا السبب، استخدم إطار المستويات السبعة من “لماذا”. مع كل إجابة تقدمها، تقترب أكثر من جوهر الحقيقة.
على سبيل المثال، قد تقول أولاً إن الوفاء بموعد نهائي في العمل مهم لأنك تريد أن تكون موظفًا جيدًا. لكن إذا واصلت التساؤل عن السبب، قد تكتشف في النهاية أن السبب في ذلك لأنك تريد أن يفخر بك أطفالك مثلًا!
- ابنِ مجتمعك الخاص:
نعم، قد يكون من غير المريح أن تضع نفسك في دائرة العلاقات الجديدة، ولكن الشفافية هي المفتاح لبناء علاقات جيدة وثقة قوية. كيف تحقق ذلك؟
انضم.. احضر.. استمر..
اختتمت شابنام حديثها بمشاركة الخطوات النهائية في التمرد من خلال الفرح: ابدأ صغيرًا.. ابدأ اليوم.
لست بحاجة إلى خطوات كبيرة، ولكن يجب أن تبدأ الآن.
الدرس التسويقي المستفاد: اجعل السعادة جزءًا من استراتيجية التسويق خاصتك. لا تقتصر على بيع منتج أو خدمة، بل حاول أن تخلق تجربة إيجابية تجعل العملاء يشعرون بالسعادة والانتماء إلى علامتك التجارية.
في الختام، إذا كنت ترغب بالدخول في عالم التسويق الإلكتروني، فالسوق يرغب بمزيد من الابتكار والتفكير خارج الصندوق.
الأفكار التي طرحت في هذا المقال ليست مجرد نصائح، بل هي دعوة حقيقية لتبني استراتيجيات جديدة تساهم في تحسين تجربة الجمهور وزيادة تفاعلهم مع علامتك التجارية. سواء كنت تبحث عن طرق لخلق محتوى يُلهم، أو كنت تسعى لإعادة صياغة استراتيجياتك لتكون أكثر فعالية، فإن إبداعك هو المفتاح الوحيد لتحقيق النجاح.
والآن، ما الشرارة الصغيرة التي ستُشعلها اليوم؟
وكيف ستجعلها تضيء بقوة في مجال المحتوى والتسويق الخاصة بك؟ ✨👌🏻
هذا المقال مترجم من موقع: Content Marketing Institute