في أحد الأيام، جلس أربعة أصدقاء من جنسيات عربية مختلفة يتناولون الغداء، ولكن يجمعهم حب كتابة المحتوى العربي.
وأثناء انتظارهم للطعام، قدم لهم النادل بعض المقبلات، ومنها مخلل الطماطم.
فشرع اللبناني بالثناء على ذلك بالقول: البندورة زاكية.
فرد عليه المغربي: هل تقصد الماطيشة؟
هنا أجاب العراقي مسرعًا: تلك تدعي طماطة!
وأنهي المصري الحديث: مش مهم اسمها المهم أن طعمها تحفة.
وهنا نظر الجميع إلى بعضهم وضحكوا سوياًِ.
مع اتساع رقعة العالم العربي، اختلفت اللهجات وتنوعت استخداماتها تبعًا لكل مجتمع وثقافة.
ومن هنا جاءت أهمية اللهجة البيضاء والتي تعتبر حلقة الوصل بين اللهجات المحلية واللغة العربية الفصحى.
لنتعرف معًا على اللهجة من خلال المقال.
محتويات المقال
ما هي اللهجة البيضاء؟
اللهجة البيضاء في اللغة العربية هي: اللهجة السلسة والمفهومة بين مختلف البلدان العربية، وتتميز بتجنبها المفردات المحلية الخاصة بكل دولة عربية.
وتعتبر اللهجة صورة مبسطة من الفصحى ولكنها مرتبطة بأسس اللغة مقارنة باللهجة العامية.
ومن هنا جاءت التسمية، فطالما دل اللون الأبيض على البساطة والوضوح، لأنها لغة واضحة ونقية، خالية من التعقيدات اللغوية غير المعلومة للكثيرين من متحدثي اللغة العربية.
ولهذا السبب تستخدم اللهجة البيضاء في الإعلام العربي والإعلانات التجارية التي تستهدف جمهورًا عربيًا متنوعًا.
وأيضًا هي لغة مشتركة تجمع بين متحدثي اللهجات المختلفة من الخليج إلى المغرب العربي، بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو اللغوية.
لماذا نشأت اللهجة البيضاء؟
ظهرت اللهجة البيضاء في بدايات القرن العشرين، وقتها شهد الأدب العربي تطورا كبيرًا على يد مختلف أدباء وشعراء العصر كنجيب محفوظ و الشاعر أحمد شوقي وغيرهم من المبدعين.
هولاء تميزت كتاباتهم بمضمون لغوي قوي والذي تحرر وقتها من المحسنات اللفظية كالسجع والطباق والجناس، وفي تلك الحقبة تولدت اللهجة البيضاء.
تلك اللهجة التي أطلق عليها الباحثون اسم اللغة الثالثة والتي تأثرت بها الأجيال الجديدة بسبب بساطة الأسلوب وسهولة توصيل الأفكار .
ويعتبر الكثيرون أن اللهجة البيضاء نشأت وتطورت في مصر والتي كان سكانها أصحاب قدرات تعبيرية غير معتادة مقارنة بباقي الدول العربية.
ونظراً لغزارة الإنتاج المصري في الأدب والفنون والسينما وانتشار تلك الأعمال والمؤلفات في أرجاء الوطن العربي، انتشرت الللهجة البيضاء.
وتمر الأيام وتزدهر طرق التواصل المختلفة بين الناس بوسائل الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي.
ولذلك أصبحت الشركات والمؤسسات والهيئات الحكومية تبحث عن لغة يمكن استخدامها والتي تمثلت في اللهجة البيضاء.
وتعتبر المملكة العربية السعودية هي مكان ظهور التسمية الحديثة اللهجة البيضاء في محل التسمية القديمة اللغة الثالثة, حيث استخدمه صناع الإعلانات الموجهة للمستهلك السعودي من الجنسيات العربية الأخرى.
وكان السبب من استخدام اللهجة محاكاة لهجة عامية يفهمها كل السعوديين حيث أنها لغة مضاف إليها الفصحى فيسهل على متحدثي اللغة فهمها دون عناء.
العلاقة بين اللهجة البيضاء وكتابة المحتوى
نعيش في عصر أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي عنصرًا أساسيًا في التواصل مع جمهورك.
وهنا استخدام اللغة الفصحى قد يعطي انطباعًا جادًا نوعًا ما، وفي حالات كثيرة قد لا يتوافق ذلك مع شخصية وصوت العلامة التجارية Brand Personality.
مثال على ذلك: متجر لبيع الحلويات والذي يحتاج لغة تكون غير معقدة أو صعبة الفهم.
ولذلك أصبح المسوقون على دراية بأهمية اللهجة المستخدمة في التواصل مع الجمهور الرقمي وهنا ظهر دور اللهجة البيضاء.
خاصة أن الجمهور اعتاد التعرض لتلك اللغة سواء كان ذلك من المنتديات الرقمية أو البرامج الإذاعية على مر السنين خاصة للأجيال الجديدة.
لنتعرف سويًا على أهمية اللهجة البيضاء في كتابة المحتوى الرقمي.
5 فوائد فورية لاستخدام اللهجة البيضاء في المحتوى
١- توسيع دائرة الجمهور المستهدف
تُساعد اللهجة البيضاء في الوصول إلى جمهور عربي متنوع.
فعندما يكون المحتوى مكتوبًا بلهجة عامية، ففي الأغلب يكون واضح المعني لأصحاب تلك اللهجة.
لكن باستخدام اللهجة البيضاء، يصبح المحتوى أكثر وضوحًا لجموع الجمهور من مختلف الدول العربية.
كمثال: “منتجنا مناسب للكل، سواء كنت في الشام، الخليج، أو المغرب العربي الجودة ثابتة والسعر تنافسي.
كما نري النص مكتوب بطريقة مفهومة لكل اللهجات العربية، دون الميل إلى لهجة محلية محددة.
٢- تبسيط الفهم وتعزيز التفاعل
عند استخدام اللهجة البيضاء في كتابة المحتوى، تضمن أنه سيكون واضحًا وسهل الفهم.
وعليه يستوعبها الجمهور المستهدف دون مشاكل.
٣- الجمع بين الاحترافية والعفوية
تحقق اللهجة البيضاء توازنًا بين اللغة الفصحى واللغة العامية، مما يمنح المحتوى طابعًا احترافيًا دون أن يبدو معقدًا.
ويمكنك باستخدام اللهجة البيضاء توصيل صوت علامتك التجارية دون مشاكل.
وكمثال علي ذلك: في شركتنا، نولي اهتمامًا كبيرًا لتقديم أفضل خدمة ممكنة لعملائنا الكرام، ونعبر عن شكرنا العميق لثقتكم .
كما نري اللغة واضحة وبسيطة مع لمسة رسمية تناسب التعامل الاحترافي للشركات، وفي الوقت ذاته غير معقدة بحيث تكون مناسبة للجمهور المستهدف.
٤- تعزيز الروابط الثقافية
تساهم الكتابة باللهجة البيضاء في التقريب بين اللهجات والثقافات العربية المختلفة.
وتُعد هذه اللهجة مرنة وقابلة للاستخدام في مجالات متعددة مثل الإعلام والتعليم.
وكمثال علي ذلك من المحتوى التسويقي: ابدأ صباحك بفنجان من القهوة العربية الذي يمنحك النشاط، أو كوب من الشاي بالحليب على الطريقة المصرية الذي يدفئ قلبك، أو شاي بالنعناع بنكهة الشام الأصيلة. ومع كل رشفة، خصص لحظة لتصفح مدونتنا التي تحتوي على مواضيع ممتعة ومفيدة تضيف لك الكثير كصانع وكاتب للمحتوى العربي.
٥- المرونة في الاستخدام في مختلف المنصات
سواء كان المحتوى مكتوب لوسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أو المدونات، يمكن للكاتب الاستفادة من اللهجة البيضاء لتوصيل رسائل قوية وفعّالة دون الحاجة لتعديل المحتوى ليتناسب مع كل لهجة محلية.
أين تجد اللهجة البيضاء؟
نحن نحن متحدثو اللغة العربية قد لا ندرك الفرق بين اللهجة المستخدمة سواء كانت العامية أو البيضاء أو حتى الفصحى.
ولذلك لنتعرف على مصادر بها يمكنك التعرض وسماع اللهجة البيضاء.
1- النشرات البريدية
يمكن بسهولة ايجاد اللهجة البيضاء في النشرات البريدية خاصة التي تستهدف جمهورًا من مختلف أنحاء الوطن العربي.
ومن أبرز و أشهر الأمثلة هي النشرات البريدية المقدمة من مؤسسة ثمانية، حيث أن ثمانية جمعت ما بين تنوع المواضيع وسلاسة اللغة وأسلوب الكتابة.
2- وسائل التواصل الاجتماعي
أسست أغلب العلامات التجارية العالمية حساب لها لمختلف منصات التواصل الإجتماعي خصيصًا للجمهور العربي ،ولذلك من المهم مراقبة اللغة المستخدمة من قبل تلك الحسابات.
ولكن قد يعتقد البعض أن طريقة تواصل تلك العلامات التجارية يغلب عليها التعقيد وكثرة استخدام الفصحى.
ولكن على النقيض هناك علامة تجارية مصرية مثل بلبن المتخصصة في صناعة الحلويات والتي انتشر صيتها ليس فقط في مصر، ولكن في أرجاء الوطن العربي..
وستلاحظ أن هناك حسابات للفروع الخارجية والتي يستخدمون فيها اللهجة البيضاء بشكل أكثر مرونة وأقرب للعامية، ولكن ذلك لم يمنع من وصول المحتوى بشكل واضح للجمهور المستهدف.
3- البودكاست
ومن الأمثلة الرائعة للإستخدام اللهجة البيضاء نجده في بودكاست فنجان المقدم من مؤسسة ثمانية ، حيث تعد حلقات البودكاست من بين الأشهر والأكثر شعبية في الوطن العربي وذلك لتنوع المحتوي المقدم الممزوج بلغة حيوية سهلة الفهم، تلك السهولة نبعت من استخدام الغة البيضاء وتوظيفها بشكل فعال.
تعد اللهجة البيضاء عنصرا أساسيًا في صناعة وكتابة المحتوى العربي.
تلك اللهجة التي تجمع بين البساطة والوضوح، مما يسهل التواصل مع جمهور واسع من مختلف الدول العربية.
وبفضل قدرتها على تجاوز حاجز اللهجات المختلفة تتيح للمحتوى العربي الوصول إلى شرائح أكبر من الناس.
ومن هنا تأتي أهميتها كأداة فعالة في مختلف المجالات الإعلامية والإعلانية.
أخبرنا هل تستخدم اللهجة البيضاء في محتواك؟