هل تتذكر يوماً كنت تسير في شوارع مدينتك ومر من أمام ناظريك العشرات من إعلانات الطرق واللوحات الإعلانية الخارجية؟، وفي أثناء رحلتك قابلت صديقاً والذي بدأ يتحدث عن كتابه المفضل كوتلر يتحدث عن التسويق باستفاضة.
ومن ثم قررت العودة للمنزل وأثناء جلوسك وتصفحك لشبكات التواصل الإجتماعي ظهر أمامك العديد من الإعلانات الممولة.
تارة عن افتتاح إحدى المطاعم ،وتارة أخرى عن عروض لفترة محدودة لدى متجرك المفضل لبيع الملابس.
إذا فكرت ملياً ستجد أن العامل المشترك بين تلك المواقف هو تواجد كلمة التسويق كعلم ومجال بكافة تطبيقاته وأنواعه.
وهو الذي أصبح جزءاً لا غنى عنه ليس فقط في حياتنا كأفراد، ولكن في طريقة عمل ونجاح كافة المؤسسات والشركات.
ولكن هل كان ذلك هو الحال دائما بالنسبة لعلم التسويق؟ لربما قد خمنت الإجابة فالطبع التسويق ككافة العلوم الإنسانية الأخرى لم يظهر في ليلة وضحاها، بل نتج ذلك عن طريق إسهامات الكثير من الخبراء والعلماء وحتى التجار عبر تاريخ يمتد إلى آلاف السنين.
فلنتعرف سوياً علي مجرى التاريخ لعلم التسويق.
محتويات المقال
تاريخ التسويق
يقال إن التسويق قد ظهر مع بداية ظهور التجارة والأسواق، حيث كان من المهم على كل تاجر أن يميز سلعته بطريقة أو بأخرى عن منافسيه، ولكن بطرق بسيطة مقارنة بالطرق المتبعة حالياً.
ولكن أول من تحدث عن التسويق بشكل غير مباشر كعلم كان أرسطو من خلال وصفه لعلم البلاغة (rhetoric)، والذي فسره أنه فن استخدام أدوات محددة لتقنع شخص ما للقيام بشيء معين فيما يتمثل بفن الإقناع، لذلك أتفق العديد من خبراء التسويق على أن أرسطو هو أب التسويق.
ومنذ تلك اللحظة مرت السنين وبدأت هوية علم التسويق تتشكل شيئاً فشيئاً.
وإليك بعض الأحداث الرئيسية والتي ساهمت بتطور مفهوم التسويق:
- إنشاء أول متجر متعدد الأقسام في اليابان عام 1650 ميلادي.
- ظهور إعلان داخل جريدة للمرة الأولي في بريطانيا عام 1652 ميلادي.
- افتتاح وكالة إعلانات في الولايات المتحدة عام 1869 ميلادي.
- استخدام العلامة التجارية (Brand Name) للمرة الأولى في بريطانيا من أجل منتج صابون (Pears soap) عام 1870 ميلادي.
بالرغم من كل تلك الأحداث والتطور في عمليات البيع والتجارة والترويج لم يكن لمصطلح التسويق وجود فعلي.
ولكن في الفترة من عام 1900 ميلادي وحتى عام 1910 ميلادي شهد التسويق نقلة نوعية، حيث ظهرت العديد من الكتب والنصوص التي تحدثت عن التسويق و تلك النصوص كانت نتاج مجهودات باحثي وعلماء الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية.
ظل علم التسويق في مرحلة التطور والتأقلم مع متطلبات الشركات والأسواق من خلال مساهمة العديد من أساتذة وعلماء الاقتصاد والتسويق والذي يعد فيليب كوتلر من أبرزهم من حيث التأثير على التسويق ووضع تعريف لغوي واضح لذلك العلم.
تعريف التسويق بالنسبة لفيليب كوتلر
لطالما كان علم التسويق محل جدل لعدم وجود اتفاق حول التعريف الأمثل لمصطلح التسويق.
لذلك ولى كوتلر الإهتمام الشديد بوضع تعريف يصف التسويق بشكل عام والذي كان على النحو التالي: التسويق هو العملية الإدارية والاجتماعية والتي تتم عن طريق الأفراد أو المنظمات من أجل الحصول ما يحتاجون من خلال خلق وتبادل القيمة مع الآخرين.
ولكن بالنسبة لكوتلر فلم يكتفي بهذا القدر فقد قام في كتاب إدارة التسويق بالتعاون مع البروفيسور كيفين كيلر بوضع تعريف أكثر وضوحاً للتسويق في السياق التالي:
التسويق باختصار هو عبارة عن تحديد وتلبية الاحتياجات العملاء والمجتمع، كما يمكن اختصار التسويق في تعريف مبسط على أنه تلبية احتياجات العملاء بشكل مربح.
كما نري فأن لفيليب كوتلر عظيم التأثير علي تطوير وتبسيط علم التسويق من خلال إسهاماته المختلفة.
لذلك وجب التعرف على حياة الأب الروحي للتسويق المعاصر بصورة أعمق وأوضح.
فيليب كوتلر الأب الروحي للتسويق المعاصر
في عام 1931 ميلادي ولد الخبير وأستاذ التسويق فيليب كوتلر في ولاية شيكاغو الأمريكية.
تخرج كوتلر من جامعة شيكاغو وحصل منها على درجة الماجستير والدكتوراة وذلك في تخصص الاقتصاد.
بدأ العمل كأستاذ ومحاضر للتسويق في جامعة نورثويسترن من خلال كلية كيلوج المشهورة في مجال الإدارة والتسويق.
فيليب كوتلر وعلم التسويق
وخلال حياته الأكاديمية ترك كوتلر تأثيراً كبيراً على التسويق من خلال مقالاته وكتابته.
حيث إنه أدخل العديد من المفاهيم الجديدة لعلم التسويق والتي كانت ثورية في ذلك الوقت.
وظهر ذلك جلياً في أول كتاب نشره وهو إدارة التسويق (Marketing Management) في عام 1967 م والذي صدر منه العديد من النسخ على مر السنين.
ذلك الكتاب كان نقلة نوعية لكل العاملين والدارسين للتسويق على حدِ سواء.
حيث إن كوتلر قام بتطبيق العديد من التحليلات الصارمة ذات الطابع الإحصائي وتنفيذها على أنشطة وخطط التسويق.
كما أن كوتلر ساهم من خلال كتاباته وأبحاثه في توضيح دور التسويق وإخراجه من حالة الغموض حول دوره في الشركات.
حيث إنه كان من السائد اعتبار التسويق كمجرد مهمة جانبية يقوم بها قسم المبيعات، ولكن مساهمات كوتلر ساعدت في تغيير هذا المفهوم.
وتلك المساهمات ساهمت ليس فقط بالاعتراف بدور التسويق وأهميته داخل عالم الأعمال، ولكن أيضا أهميته في مختلف نواحي الحياة المختلفة.
من إسهامات كوتلر أيضاً توضيحه أن التسويق لا يتمثل في بيع المنتجات أو الخدمات، ولكن هو التبادل لقيمة معينة بين طرفين، وذلك ظهر جلياً في التسويق الاجتماعي ،والذي تم تعريفه من قبل كوتلر على أنه:
استخدام تطبيقات التسويق لأجل تحقيق أهداف تتعلق بالسلوكيات لصالح المجتمع مثل حملات التوعية بأضرار التدخين وغيرها من الحملات المشابهة.
وبالإضافة إلي ذلك ابتكر العديد من المفاهيم الأخرى مثل المزيج التسويقي وتسويق المنتجات والمستهلكين.
وبذلك استحق كوتلر بأن يلقب بالأب الروحي للتسويق المعاصر، حيث إن عمله وجهوده لم تركز فقط على موضوعات التسويق المختلفة، ولكن أيضًا على الموضوعات المرتبطة بها كالمجتمع والعدالة الاقتصادية وأوجه القصور في الرأسمالية.
ويعتبر من أشهر كتبه كتاب كوتلر يتحدث عن التسويق والذي سنتعرض معاً تفاصيل ذلك الكتاب الشيق.
كوتلر يتحدث عن التسويق
إذا كنت مهتما حقا بفهم بعلم التسويق سواء كان ذلك بغرض الإطلاع أو اكتساب المعرفة اللازمة خاصة للعاملين في مجال التسويق فكتاب كوتلر يتحدث عن التسويق هو بوابتك الأولى لذلك.
مميزات الكتاب
أن الكتاب يتناول جميع المعارف الأساسية اللازمة لتصبح مسوقاً استراتيجياً.
ويتميز الكتاب بأنه واضح ومنظم بشكل جيد من حيث الأفكار المطروحة دون حشو زائد.
وبالرغم من مرور العديد من السنوات ستجد أن الكتاب صمد أمام اختبار الزمن٫ على الرغم من حقيقة أن بعض الأمثلة قد عفا عليها الزمن.
تخيل أنك تاجر وتطمح لبيع منتجاتك وبضاعتك، وبالرغم من من جودة المنتجات وسعرها الجيد إلا أنك لم تستطع البيع بنفس وتيرة المنافسين.
تعرف على عالم التسويق
قدم كوتلر في كتابه حلاً لهذه المشكلة من خلال توضيح طريقة للتسويق تتمحور حول تقديم قيمة مدركة للأشخاص مقابل مواردهم. تركز هذه الطريقة على البحث واختيار السوق المستهدف وتحديد موقع المنتج وتكتيكات التسويق والتقييم.
وتلك الطريقة ليست مقتصرة على الشركات التي تهدف إلي الربح فحسب، بل تشمل جميع أنواع المنظمات التي ترغب في جذب مختلف أنواع الموارد من الجمهور.
وأكد الكتاب على أهمية استخدام هذا الإطار لاستراتيجيات التسويق الفعالة.
تلك الاستراتيجيات التي تقوم بالتركيز على الاستماع باستمرار إلى تعليقات العملاء، وتقوم بالتدقيق المنتظم، وتتكيف مع الأفكار الجيدة التي تظهر في أثناء تنفيذ حملات التسويق.
كما قام كوتلر بتصنيف التسويق إلى 3 أنواع:
- القائم على الاستجابة.
- القائم على التوقع.
- القائم على تشكيل حاجة العملاء.
كما أظهر الكتاب أن النموذج الأشهر 4Ps الذي يركز على المنتج والسعر والمكان والترويج يحتاج إلى تحديث إلى4Cs، القيمة المقدمة للعملاء، والتكلفة، والملاءمة، والاتصال.
وبنظر كوتلر يساعد هذا الإطار في اختيار تكتيكات التسويق من وجهة نظر العميل، مما يؤدي إلى تقليل تكلفة العميل وتحسين قيمة التي يتلاقها، وبالتالي الاحتفاظ بالعملاء بصورة أكبر وهو خيار أرخص وأكثر ربحية.
كما أكد الكتاب على أهمية جعل منتجك فريدًا وسط المنافسين، حيث تحتاج إلى وضعه بشكل صحيح بطريقة تستهوي السوق المستهدفة.
ومن خلال التكيف مع هذه المبادئ الديناميكية، يمكن للمسوقين خلق حملات فعالة تتفاعل وتلامس جمهورهم المستهدف.
ومن خلال ذلك تضمن الشركات النجاح والنمو على المدى الطويل في السوق.
وبالطبع كوتلر لم يكتف بما قدمه، ولكن أضاف الكثير من الأفكار التي تركت عميق التأثير في أذهان المسوقين.
تعرف على أجمل ما قال فيليب كوتلر عن التسويق
كوتلر وبصفته واحد من المؤثرين في التسويق في العصر الحديث قام بترك بصمته الخاصة في هذا المجال.
حيث أنه يعتبر من أبرز الخبراء في مجال التسويق، وقد ألهم العديد من الأشخاص حول العالم بأفكاره الثورية في التسويق.
ومن بين أجمل ما قيل عن التسويق من طرف عبقري التسويق:
«عليك ان تتحرك أسرع من الآخرين إذا أردت أن تحافظ على مكانك في السوق»
«الشركات الفقيرة تتجاهل منافسيها، والشركات المتوسطة تقلد منافسيها، والشركات الفائزة تقود منافسيها»
«البائعون الناجحون يهتمون بالعميل أولاً، والمنتجات فيما بعد»
·«أهم شيء هو التنبؤ بالأماكن التي يذهب إليها العملاء، والتواجد معهم»
«لم يعد يكفي إرضاءُ عملائك، يجب أن تسعدهم»
«التسويق هو سباق بدون خط النهاية»
«الأسواق تتغير دائمًا بشكل أسرع من التسويق»
«التكلفة ليست ذات أهمية في تحديد السعر، إنها تساعدك فقط في معرفة ما إذا كان يجب عليك صنع المنتج»
ولم بكتفِ كوتلر بذلك وحسب بل استمر في تقديم قيمة علمية وعملية واضحة من خلال مؤلفاته الأخرى.
أبرز كتب فيليب كوتلر
وبفضل خبراته ساهم كوتلر بنشر أكثر من 166 مقالة و80 كتاب كمؤلف أساسي أو مساعد.
بالطبع كانت جميعهم تدور حول علم التسويق وتطبيقاته المختلفة.
ومن أبرز تلك الكتب:
- كوتلر يتحدث عن التسويق.
- أساسيات التسويق.
- التسويق 5.0 التكنولوجيا من أجل الإنسانية.
- التسويق 4.0 الانتقال من الشكل التقليدي إلى الشكل الرقمي.
هل أثار كوتلر اهتمامك؟!
وفي النهاية يمكن التأكيد على أن التسويق يعتبر ركيزة أساسية في في العصر الحديث.
ليس فقط لدوره في نجاح الشركات والمؤسسات، ولكن في مختلف نواحي الحياة الأخرى.
وبالتأكيد يبرز اسم فيليب كوتلر كواحد من أبرز الشخصيات والمؤثرين والذي قدم الكثير فيما يتعلق بعلم التسويق.
الإضافة التي قدمها كوتلر لم تتوقف علي تطويره للعديد من المفاهيم والأفكار غير المألوفة بالنسبة للتسويق والمسوقين.
ولكن تعدى الأمر ذلك ليصل لكيفية تطبيق تلك المفاهيم في ألية عمل الشركات.
ونتيجة لذلك تحقيق النجاح على مستوى زيادة الأرباح وفهم العملاء صورة أفضل.
ولقد قيل أنه لا يمكنك دراسة التسويق دون أن نكون قرات على الأقل كتاباً من مؤلفات كوتلر .
شاركنا رأيك عن كوتلر ومدى تأثيره على التسويق بشكل عام وعليك كمسوق بشكل خاص.