انقراض اللغة العربية

ماذا لو: انقرضت اللغة العربية؟

وقت القراءة: 5 دقائق

3000 لغة تنقرض هذا القرن، منها العربية طبقاً لليونسكو!

نعم، أتفق معك، هذا بيان صادم وخطير، ويحطم بقسوة كل معتقداتنا الحالمة بخلود اللغة العربية إلى الأبد!

بيان منظمة اليونسكو يجعلنا نتساءل، هل انقراض اللغة العربية ممكن حدوثه؟ كما انقرضت اللاتينية وغيرها من اللغات التي تم إهمالها بواسطة أهلها؟

هل سينتهي الحال باللغة العربية كقطعة أثرية في متحف اللغويات المنقرضة؟

هل اللغة العربية مقدسة،- باعتبارها لغة القرآن الكريم – أم مثلها مثل باقي اللغات عرضة للتدهور والاندثار؟

وقبل أن تغضب وتتهمني بالكفر، وتبدأ في الاستشهاد بآيات القرآن الكريم على خلود اللغة العربية، اسمح لي أن أدعوك إلى نقاش فكرى ومنطقى، نفند فيه الحقائق من حولنا، لنجيب على السؤال الذي يراود العديد ممن يعبئون باللغة والحضارة العربية: هل اللغة العربية لغة حية أم مهددة بالانقراض؟

تريث، وأعدك أنك ستغير وجهة نظرك كلياً.

 مظاهر تدهور لغتنا العربية:

من المؤسف ما طال اللغة العربية من تدهور وانحدار، وما آلت إليه من هزيمة في جميع ميادين الحياة العلمية والاجتماعية والسياسية، بعدما كانت اللغة الأولى في العالم، ومدخلاً لكنوز العلم والمعرفة.

فمثلا على الصعيد الاجتماعي، نرى هزيمة ساحقة للفصحى أمام لهجات الوطن العربي، التي أصبحت ترتقي إلى درجة اللغات المستقلة، و تختلف كلياً من بلد عربي لآخر، مما أضعف التواصل بين الشعوب العربية، ولعل المشرقي الذي يسافر إلى بلاد المغرب العربي، يعاني من هذة المشكلة شر المعاناة.

وأما على الصعيد التعليمي، فواضح جلى مدى إهمال تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية، واختفاء تعليمها في المدارس الأجنبية، فالآباء والأبناء يرون من تعلم اللغة العربية مضيعة للوقت، في مقابل تعلم اللغات الأجنبية!

أما على الصعيد السياسي، فحدث ولا حرج، فسياسات الدول العربية تحقّق نجاحاً باهراً في القضاء على اللغة العربية، حيث تميل إلى تفضيل اللهجات العامية واللغات الأجنبية في مجالات الحياة كالتجارة والإعلام والإذاعة.

وأخيراً على الصعيد العالمي، فتم اتخاذ عدد من الإجراءات التي تهدد اللغة العربية عالمياً، مثل:

  •  إلغاء تدريسها في بعض الجامعات الأمريكية.
  • الاستعاضة عنها باللهجات العربية، مثل الشامية والمصرية والمغربية والعراقية.

وعليه فإن مظاهر تدهور اللغة العربية السابقة، تؤدي إلى مشروعية طرح فرضية انقراضها قريباً.

هل ستنقرض اللغة العربية؟

لقد اختلف علماء اللغة حول مصير اللغة العربية، وانقسموا إلى فريقين مختلفين:

الفريق الأول:

يؤمن بأن اللغة العربية مقدسة، ومحفوظة حفظ الذكر الحكيم، فهي:

  • لغة القرآن والتراث.
  • لسان التواصل في البلاد العربية.
  • إحدى اللغات الست المعتمدة من منظمة الأمم المتحدة.
  • إحدى أكثر لغات العالم انتشاراً، حيث يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة وفقا لمنظمة اليونسكو.

أما الفريق الثاني يرون أن:

  • انقراض اللغة العربية أمر وارد، فاللغة التي لا يتكلمها أهلها تموت.
  • علاقة الفصحى بالهوية العربية تتراجع بسبب استخدام اللهجات العربية واللغات الأجنبية كأداة للتواصل بين أبناء الوطن العربي.
  • اللغة العربية تغيب عن مجالات العلم و التكنولوجيا والمحتوى الإلكتروني على شبكة الانترنت.

برأيك، أي فريق صاحب الرأي الراجح؟ تعالَ لنتأمل الحقائق سويًا.

نظرة على الحقائق!

أتفق معك حول تصريح اليونسكو عن أن اللغة العربية يتحدثها ما يقرب من 422 مليون نسمة، ولكن، هل تخبرنا تلك الإحصائية أى لغة بالضبط يتحدثها الـ 422 مليون نسمة؟ هل الفصحى أم اللهجات العربية؟

نعم صحيح، نحن نتحدث اللهجات العربية وليس الفصحى.

وهذا ما يسمى بظاهرة الازدواجية اللغوية، ومعناها:

“وجود مستويين للغة الواحدة، الأولى رسمية والأخرى لهجة محلية، تختلف من بلد لآخر، وتظهر الازدواجية اللغوية في العربية، وفي باقي اللغات الكبرى مثل الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية”

ولكن، علماء اللغة لا يتوقعون أن تحلّ لهجات اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية محلّ هذه اللغات، إذ أن الفارق بين اللهجات الأجنبية واللغات السابقة ضئيل جداً.

في حين يتوقعون أن تحلّ اللهجاتُ العربية محلَ الفصحى، نظراً للفارق الضخم بين الفصحى ولهجاتها العربية، مما يرجح انقراض اللغة العربية بنهاية القرن الحالي.

هل اللغة العربية مقدسة؟ 

نعتقد نحن العرب بقدسية اللغة العربية، باعتبارها لغة القرآن الكريم، وأن الله تعهد بحفظها وضمان بقائها بقوله تعالى: ﴿إنّا نحن نزّلنا الذكرَ وإنّا له لحافظون﴾.

ولكن الحقيقة الصادمة، أن اللغة العربية ليست مقدسة في ذاتها، فالمقدس هو الذكر فقط أي القرآن الكريم، والله تعهد بحفظ القرآن وليس اللغة العربية.

و هذا ما أفتى به فضيلة مفتي الديار المصرية، الذي أوضح أن القرآن الكريم لا يشتمل إلا على نسبة ضئيلة تقدر بأقل من 30% من مصادر و جذورٍ اللغة العربية.

وأن تلك النسبة الصغيرة هي التي تستمد قدسيتها من القرآن الكريم، وغير مهددة بالانقراض، أمّا باقية اللغة العربية، فليست مقدّسة، ولهذا فهي عرضة للتغيير والانقراض.

وإذا تأملنا دفاتر التاريخ نجد انقراض اللغة العربية في إيران وإسبانيا، بعد أن كانت لغة البلاد الرسمية، وبقاء القرآن الكريم في تلك البلاد.

إذا، فكلاً من الدين والعلم والتاريخ، يرجح انقراض اللغة العربية اجتماعياً كلغة مجتمع، وبقاءها كلغة مقدس. لتكون الإجابة على سؤال: هل اللغة العربية مهددة بالانقراض؟ هي نعم للأسف،

فلغتنا العربية تحتضر، و محاولاتنا للاحتفاء بمكانتها ما هو إلا إزعاج لاحتضارها.

ماذا لو انقرضت لغتنا العربية؟

ماذا لو انقرضت اللغة العربية؟

تخيل!

تخيل أن تستيقظ يوماً وقد فقدت اسمك وهويتك التي تميزك في هذا العالم الملئ بالأعراق المختلفة! أن تفقد موطنك الذي طالما انتميت إليه وتفاخرت به!

تخيل أن تفتقر إلى لغة تواصل سليمة، تتيح لك التعبير عن ذاتك الفريدة، وتمكن العالم من فهمك! ألا تستطيع أن تروي حكاياتك وتخلد ذكرياتك فتفنى وتموت معك…

تخيل أن تفقد ثقافتك وعلومك، ويندثر تراثك وتاريخك الذي طالما أبهر الجميع.

ألا يعترف بك العالم، فأنت مجهول الهوية ومعدوم اللغة!

يبدو ذلك مرعباً، أليس كذلك؟

هذا بالضبط ما سيحدث فور انقراض لغتك العربية، التي تعد الركيزة الأولى والأساسية في تكوين الهوية العربية والإسلامية.

انقراض اللغة العربية يعني أن تنقرض ذاتك وهويتك العربية، فلا تستطيع تعريف نفسك وسط الأمم والحضارات.

بانقراض اللغة العربية يندثر التراث العربي العريق، فنفقد الأدب والشعر والفن، ويختفى التاريخ وما يحويه من أسرار أجدادنا العظماء، وتندثر العلوم الإسلامية الضرورية لإقامة شعائرنا الدينية.

بانقراض اللغة العربية تتسع فجوة التواصل بينك وبين أشقائك العرب، وينغلق كل بلد عربي بلهجته حتى ينقرض وطننا العربي.

إجمالاً: إن انقراض اللغة العربية يعني دق المسمار الأخير في نعش الحضارة العربية والإسلامية.

ولكن الخبر السار هو أنه يمكننا إيقاف ذلك التدهور.

يمكننا بقليل من الجهد أن نسطّر نهاية سعيدة لقصة لغتنا العربية، سأخبرك كيف يمكنك فعل ذلك فى السطور القادمة.

إحياء اللغة العربية قضية مشتركة.

اللغة العربية

لغتنا العربية هي وعاء ثقافتنا، وعنوان هويتنا، والمحافظة عليها يعدّ محافظةً على ذواتنا ووجودنا. وما من أمة أرادت الحياة الكريمة إلاّ وتمسكت بلغتها الأم أمام اللغات الأجنبية.

يقول مصطفى صادق الرافعى، في كتابه وحي القلم:

(ما ذلَّت لغة شعب إلا ذلّ).

لتعلم عزيزي القارئ وصانع المحتوى، أن عزتك من عزة لغتك العربية، ومكانتك بين الأمم مستمدة من مكانتها، فإذا علت مكانتها ارتفعت معها، وإذا اندثرت تندثر أنت أيضاً.

ولتعلم أن إحياء اللغة العربية مسؤولية مشتركة، وفرض عين على كل عربي، ليس فقط أهل التخصص، و صناع المحتوى العربي.

وفي هذا المحور الهام، لن أتحدث عن ضرورة تشريع قوانين تُلزم استعمال الفصحى في مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، أو ضرورة الاهتمام بتعليم اللغة العربية في المدارس والجامعات، فتلك إجراءات بديهية يجب اتخاذها في أسرع وقت.

ولكن، ندائي يتوجه إليك عزيزي القارئ العربي، سواءً كنت تعمل في صناعة المحتوى أم لا.

أنت من تملك قوة التغيير الحقيقة، وبإمكانك بالقليل من الجهد والإيمان أن تساهم في استعادة اللغة العربية لمكانتها العظيمة، استحقتها عن جدارة دون منازع.

يبدأ هذا بإزالتك لوصمة التخلف عن اللغة العربية، واستعادة اعتزازك بها، وأن تتعلمها وتستخدمها قدر ما استطعت، فاللغة تحيا باستخدامها وتموت بتركها.

ولعلك تسأل الآن: بجانب حماية اللغة العربية من الانقراض، ماذا أستفيد عملياً من تعلم اللغة العربية؟

سؤالٌ جيد، سأسرد لك القليل من الفوائد في السطور القادمة.

ماذا لو أتقنت اللغة العربية؟

ماذا لو أتقنت اللغة العربية؟

لتعلم اللغة العربية العديد من الفوائد التي لا ينبغي عليك تفوتيها مثل:

1- زيادة معدل ذكائك اللغوي:

تعلم اللغة العربية يحسن من فصاحتك، ويزيد من ثروتك اللغوية، وبالتالي يحسن ذكائك اللفظي وغير اللفظي.

2- فهم القرآن والشريعة الإسلامية:

تعلمك اللغة العربية يعينك على الفهم الصحيح للقرآن والعلوم الشرعية، فاللغة العربية جزء أصيل من الدين الإسلامي.

3- دعم القومية العربية:

تعلم اللغة العربية يمكنك من التواصل مع 375 مليون مواطن عربي، فلا تفوت تلك الفرصة الثمينة تبادل الخبرات مع أشقائك العرب.

4- زيادة إبداعك:

تعلم اللغة العربية يزيد من نشاط دماغك، ويساعدك في فهم الشعر والأدب العربي، مما يفتح لك آفاق الإبداع والتميز.

ولا تقتصر فوائد تعلم اللغة العربية على البالغين فقط، بل في تعليم اللغة العربية لطفلك أو لأخيك الأصغر فوائد عظيمة، منها:

– توسيع مداركه العقلية لتعلم اللغات الأجنبية، حيث وفقاً للدراسات العلمية، أن الأطفال الذين يتقنون لغتهم الأم، يكونون أكثر قابلية لتعلم اللغات الأجنبية.

– تعليم اللغة العربية للأطفال، يعزز لديهم شعور الثقة بالنفس، والانتماء إلى هوية محددة، كما يحميهم من احتقار الذات الناتج عن تقاليد الثقافات الأخرى.

كلمة إلى صانع المحتوى العربي.

يا صانع المحتوى، إن للكلمات قوة استثنائية قادرة على صنع التغيير وبناء الحضارات، ولقد رُزقـتَ هبة التحكم فى تلك القوة، فأحسن استخدامها فيما يخدم لغتك وحضارتك العربية.

احرص على تعلم اللغة العربية وإتقان قواعدها، ثم ساهم في إحيائها عن طريق إثراء المحتوى العربي في كل مكان. هذه مهمتك الواقعة على عاتقك، وأنت على قدر تلك المسؤولية.

وبوصولك الى هذه السطور، فقد تعرفت على أسباب تدهور اللغة العربية، وأهمية تعلمها، ودورك الهام في إثراء المحتوى العربي.

شاركنى في التعليقات باقتراحاتك حول كيفية إثراء المحتوى العربي؟

‎أضف رد

I don't publish guest or sponsored posts on this site. But thanks anyway. :)

:

‎بريدك الإلكتروني لن يظهر لأحد