أؤمن أن الكتب هي مَن تبحث عن صاحبها، لا أنت مَن تبحث عنها، هكذا التقينا أنا وكتاب اللغز وراء السطور.
ولكن كيف لصانع المحتوى أن يستفيد من كل كتاب وأن يسخّر كل ما بداخله من أجل إنتاج المزيد من الأفكار؟
وهنا تكون البداية.. لنتعرف عن قرب على ما يحدث داخل مطبخ الكتابة، وكيف يرى مَن هم بداخل المطبخ ما يدور بالخارج، والعكس!
كعادته بطريقة مبسطة وسلسة يجمل لك الطبيب والأديب أحمد خالد توفيق فنون الكتابة، وأسرارها، ومميزاتها وعيوبها أيضًا…
الكتاب سلس ويمكنك قراءته بسرعة، إلا أنه لكي تستفيد منه استفادة كاملة، يفضل قراءته على مراحل، ومرات متكررة.
محتويات المقال
الجزء الأول: صناعة المحتوى من داخل المطبخ
يقول د.أحمد خالد توفيق ضيف مكتبتي الليلة:
«ليس على الجميع أن يكونوا طهاة. لماذا لا يكتفي البعض بدور المتذوق المستمتع؟ لماذا يجب أن يدخل الجميع المطبخ، وتدمع أعينهم من البصل، ولماذا يسيل عرقهم من حرارة الفرن، وتدمي المدى أناملهم؟ ظننت في لحظة أن بوسعي أن أطبخ…ثم فطنت إلى أن هناك من يطهون أحسن مني ألف مرة!»
يطمح الكثير من الناس لمهن مختلفة دون دراستها عَن كَثَب، كالذي يريد أن يصبح طباخًا فهو يتصور أنه مثل الشيف الفأر، يصنع الطعام بلمسات ساحرة دون تعب أو ضريبة تدفع مقابل وجودك في المطبخ، كدموع البصل، ولسعة الشوربة.
بينما يُخيّل إلى البعض أن مهنة صناعة المحتوى هي أن تجلس على مكتب مُنمّق، وأمامك الحاسوب المحمول تفتحه ويتبع ذلك صوت أناملك الساحرة على مكعبات لوحة المفاتيح الرقيقة.
فتسألني وتقول: ماذا أفعل لأكون صانع محتوى؟
هنا يمكنني أن أنقل لك ما قاله الكاتب حول هذا الموضوع..
«ماذا أفعل لأكون كاتبًا؟ وهو سؤال بالغ الصعوبة والتعقيد، ومن الغرور الأحمق الممتزج بسذاجة الأطفال أن يعتقد المرء أن بوسعه تقديم إجابة عنه، والأكثر سذاجة من يتوقع أن الجواب عندك… والحقيقة هي أنك إما أن تُولد كاتبًا أو لا تولد.. هناك مزيج سيميائي عجيب من الجينات والتربة المناسبة، والبيئة والقراءة المبكرة، والعقد النفسية والرغبات المحبطة، ويؤدي هذا الخليط الفريد إلى أن تكون أديبًا. الضغوط النفسية المتلاحقة تجعل الكتابة علاجًا ومخرجًا»
فهل أنت مستعد للبدء في صناعة المحتوى؟
اعرف هدفك أولًا، لماذا تريد الكتابة؟
بدايةً يقول وليام شكسبير:
«إذا لم يكن لديك هدف، فاجعل هدفك الأول إيجاد واحد»
لذا يجب عليك أن تعرف قبل البدء في فعل أي شيء، ما هو الهدف من فعله؟
والأهداف تختلف بشكل نسبي من فرد لآخر، كل ما عليك فعله الآن هو معرفة سبب تواجدك هنا!
لماذا تريد أن تصبح صانع محتوى؟ لماذا تريد أن تكتب بشكل عام؟
دعني أسهل الأمر عليك وأجمل لك الأهداف في نوعين واضحين.
هناك نوعين أساسيين من أهداف صناعة المحتوى:
1- زيادة الدخل.
على حد قول د.أحمد خالد توفيق في الكتاب «المجد لا يبقى إلى الأبد، وقد حان إطعام المعدة الجائعة»
عليك فقط اتباع تلك النصيحة، والسعي إلى تحسين مستوى دخلك من خلال ما تملكه من مهارات.
2– ممارسة هواية قديمة
الكتابة هواية مفضلة عند الكثير، وقد تسعى لصناعة المحتوى بغرض ممارسة شيء تحبه
وهذا أيضًا هدف صحي، لا مشكلة فيه.
ولكن ما رأيك أن ندمج بين الاثنين؟ أن نفعل ما نحبه ونحقق به المزيد من الدخل!
كُن صريحًا بشأن هذا الهدف.. ثمّ دعنا نُكمل السير للأمام.
ما هي القيمة التي أستطيع تقديمها من خلال صناعة المحتوى؟
حين تقرأ الاقتباس التالي «الجمال والإمتاع قيمتان أساسيتان في الكتابة، وعلى القارئ أن يجدهما بنفسه دون عون»
تتسائل هل بوسعي صناعة محتوى قيّم؟
هذا السؤال بالذات لا أحد يستطيع إجابتك عنك سوى نفسك!
إن كنت قد وجدتها فأظهرها في كل ما تكتبه وكل ما تفعله مع الناس، بمعنى أدق عِش رسالتك وكن مثالًا واضحًا لرسالتك على الأرض.
وإن كنت لم تجدها بعد، فأنصحك بالبحث عنها، فلكل شخص في هذه الحياة بصمة مختلفة وأسلوب مميز، فلا تغفل ذلك الأمر 😉
الاستمرارية هي السر وراء كل صانع محتوى لامع!
يقول د.أحمد خالد توفيق عن الكتابة وعلاقتها بالمزاجية:
«في البداية يكون المرء مزاجيًا جدًا، يكتب عندما تنضج الأفكار في رأسه، ويصير البديل عن الكتابة هو الكسرولة على الرأس وتعاطي البروزاك. يكتب المرء كذلك لاستمتاعه الشخصي ولنفسه فقط… إما أن يظل كذلك للأبد ويصير أديبًا من الأدباء الذين يكتبون ثلاث أو أربع روايات في حياتهم، أو يصير مِن كتّاب السلاسل والمقالات الدورية، حيث المطبعة تَعوي كجهنم طيلة الوقت قائلة هل مِن مزيد؟»
إن صانع المحتوى كالبندول المتأرجح، ففي بعض الأحيان تشعر بأنك تريد أن تحطّم كل شيء وتنعزل عن عملك، وفي الأحيان الأخرى تشعر بأن قوة ساحرة تتملّك مِنك لتجد نفسك أمام أوراق كثيرة مليئة بالأفكار والأهداف!
دعنا نستغل ذلك الأمر لصالحك يا عزيزي وأخبرك بسر سحري لكي تتغلب على ذلك البندول المتأرجح في رأسك.
ببساطة، إنها الاستمرارية.. أن تجدول كل أفكارك وأعمالك وتنشرها في الوقت المناسب لها.
قم بوضع خطة شهرية وانشر تلك المهام على ملفك الشخصي، ولا تنسَ إضافتها ضمن قائمة أعمالك أو ما نطلق عليه الـ portfolio.
فمحافظتك على حسابات عملائك التي تديرها هي من مهامك، وكذلك حسابك الشخصي لا تهمله ولا تتبع مقولة «باب النجار مخلّع».
صانع المحتوى بين الغرور وانعدام الثقة في النفس | ماذا يخبرنا اللغز وراء السطور؟
يفرد د.أحمد خالد توفيق فصلًا كاملًا عن الغرور وانعدام الثقة لدى الكاتب وأول ما يبدأ الفصل به ذلك الاقتباس التالي «الكتابة عملية نفسية معقّدة تتأرجح بين قمة الغرور وقاع انعدام الثقة بالنفس…»
هل تشعر بذلك التناقض؟
لا تقلق، أكمل معي قراءة الفصل ليطمئن قلبك.
يقول الكاتب في الفقرة التي تليها
«لابد للكاتب أن يعجب بأعماله ويستمتع بها، وتشعره كلماته بحالة من النشوة لا شك فيها. هذا منطقي وعادل، لو لم يعجب بكتاباته فهو مخادع لنفسه والقراء، معناها أنه يبيع خبزا فاسدا وهو يعلم ذلك… فقد نغفر لبائع الطعام الفاسد الذي يجهل أنه فاسد»
هنا يلفت نظري فكرة أننا قد نروج لفكرة فاسدة بجهلٍ منا!
قد يتم حل مشكلة الجهل بما تكتب عنه، بدراسة الموضوع والمنتج الذي تسوّق لهما من خلال نموذج المزيج التسويقي أو الـ 4ps أقترح عليك ذلك المقال لتتعرّف به.
على الجانب الآخر، نرى هذا الاقتباس في نفس الصفحة من الكتاب!
«في الوقت نفسه لابد للكاتب أن يملك قدرًا هائلًا مِن كراهية النفس وعدم الرضا عنها!»
ولكن هل أنتَ تبالغ في نقد ذاتك بشكل لا تستطيع معه إتمام عمل واحد لآخره؟
هنا يقترح عليك الكاتب الحل في تلك الفقرة.
«لكن الكاتب الحقيقي لا يتوقف أبدًا، قد يتوقف عن النشر لكنه لا يتوقف عن الكتابة، لأن الأمر يتجاوز إرادته… لا تستطيع النحلة التوقف عن إنتاج العسل مهما تلقت مِن نقد.»
لا تتوقف عن إنتاج الرحيق، مهما كان رأي الناس بك.
الجزء الثاني: صناعة المحتوى من خارج المطبخ على طريقة اللغز وراء السطور
في هذا الجزء يتناول د. أحمد خالد توفيق الحديث عمّا يدور في سوق صناعة الفن بأشكاله المتنوعة، ويناقش قضايا هامة كالأخلاقيات وحقوق الملكية الفكرية وغيرها من القضايا التي لا تهم الأديب وحده، ولكن تهم صناع المحتوى بشكل عام..
وهو شيء ألهمني كثيرًا لمشاركتك أفكاري حول سوق صناعة المحتوى.
دعني أنقل لك خبرةَ قدمها لنا د.أحمد خالد توفيق في أكل الكابوريا، نعم كما قرأت!
قد واجه الكاتب مشكلة في أكل الكابوريا واستخراج كمية من اللحم الذي بداخلها، وقتها أشفق عليه أحد الخبراء في التهام المأكولات البحرية، تناول الطبق وقام بتفسيخ الكابوريا بطريقة معينة و استخرج منها كمية هائلة من اللحم، لم يكن يعرف أنها موجودة من قبل بالداخل!
أسقط تعامل الكاتب مع الكابوريا، على تعاملك مع السوق والأدوات المتاحة لك!
هل تستخرج ما بداخل كل شيء متاح لديك وتستفيد منه؟
ما هي حدود الإبداع في صناعة المحتوى؟
هنا سنتحدث عن أمر شائك جدًا للجميع، لكن الحديث فيه ضروري، هل هناك حدود للإبداع؟ نجد إجابة هذا السؤال في فصل إبداع حتى النخاع من الكتاب على لسان د.جلال أمين:
«حرية الفرد في الكتابة يجب أن تكون لها حدود، مثل حرية الفرد في إطلاق الرصاص على الناس!»
ومِن هذا الاقتباس دعني أسألك سؤالًا هامًا،
هل ما تكتبه مناسب لقيمك الشخصية أم كثيرًا ما تشارك في صناعة محتوى لا تتمنى أن يراه أطفالك؟
يجب أن يكون لديك قيمًا ومبادئًا تحكُمك في حياتك المهنية، فما هي إلا حياة مؤقتة نحياها، فلا تنسَ ذلك في خضم الحياة.👌
كيف يستخدم صانع المحتوى التكنولوجيا لخدمته؟
مع تطوّر التكنولوجيا قد تندثر بعض الأعمال بينما تظهر أخرى،
فقد قال د.أحمد خالد توفيق «إنّ التقدّم العلمي خطر داهم بالنسبة لبشريّة لم تنضج بعد»
تُثير هذه المقولة القلق والتوتّر فيكَ ، ولكن للتطور التكنولوجي جانب مُشرق أيضًا يُمكن استغلاله لصالحك، دعنا نتعرف عليه.
كيف تروج المحتوى الخاص بك على لينكدإن؟
نعم، إن منصّة لينكدإن هي المصباح السحري لأي مهنة بما فيها صناعة المحتوى، و إنّه من الذكاء تعلّم كيفية التعامل مع تلك المشاعر السلبية المرتبطة بذلك الموقع، تحضرني مقولة مهمة لصاحبها
«لا تقارن بدايتك بموسم حصاد الآخرين»
كيف يكون حسابك على لينكدإن أفضل؟
- انشر أعمالك باستمرار وأولًا بأوّل.
- مشاركة الدورات التدريبية والوظائف التي تشغلها.
- الاهتمام بالصورة الشخصية.
- اختيار التعليق المناسب لكل عمل تنشره على المنصة.
كيف تصبح صانع محتوى مستقل؟
هُناك الكثير من المواقع التي تدعم خدمة صناعة ملف لعرض أعمالك السابقة مثل: Behance و Contently، ولكنّ دعني أخبرك ببعض
العناصر التي من المهم مراعاتها عندما تُنشيء ملف أعمالك:
- اختر أعمالك المعروضة بعناية، مع كتابة تعليق مناسب لكل عمل منهم.
- رتّب أعمالك من الأحدث للأقدم وليس العكس.
- في حالة زيادة عدد أعمالك، ضع المميز منها والأقرب إلى قلب العملاء.
هل يجب على صانع المحتوى تعلم التسويق بعد قراءة اللغز وراء السطور ؟
يقول د.أحمد خالد توفيق:
«النصب موهبة أخرى من مواهب الأديب، فعليه أن يخلق جوًا زائفًا مُحكم التفاصيل يقنع القارئ..»
وبعيدًا عن النّصب، فإن التسويق، يُشبه ما يتحدّث عنه الكاتب هُنا، ودراسة التسويق تُساعدك في هذه المهمة.
ولذلك يجب عليك كصانع محتوى أن تتعلّم أساسيات التسويق بدايةً مِن التسويق التقليدي وحتى التسويق الرقميّ بأشكاله المتعددة.
لأنّك لست كاتبًا إبداعيًا فقط، ولكنّك تستخدم إبداعك لعرض منتجاتك أو خدماتك.
والبداية في علم التسويق هي كيفية كسب العملاء.
يقول د.أحمد خالد توفيق في فصل بالقلم والمسطرة.
«تعلّمتُ أن الكلمات في النص تبعث جوًّا نفسيًّا مُعيّنًا قبل أن تقرأ أنت فقرة واحدة، العين تلتقط بعض الإشارات وتتخيّل الأمور… »
وهُنا تظهر قوّة قطعة المحتوى الخاصة بك في تأثيرها على الجمهور المستهدف، هو أن تستخدم نفس أسلوب كلامهم في الحياة العاديّة.
وقد ذكر الكاتب طريقةً يتعامل بها بعض الكُتّاب، هي استخدام قائمة بالمصطلحات المناسبة لتلك الفئة من الجمهور..
بقوله «يُمكنك أن تتظاهر بالرقّة والرومانسية حتى لو كنت خرتيتًا..»
ولكنه ذكر شيئًا قد نقع فيه إذا اتّبعنا تلك الطريقة، «الموضوع صعب. إن تمييز التلقائية في العمل من الافتعال أمر قد يكون صعبًا.»
وإن وقعت في تلك المشكلة، قد تحتاج إلى دراسة عملائك بشكل أكثر دقة ليس إلا.
الخُلاصة!
وعلى طريقة د. أحمد خالد توفيق في اللغز وراء السطور، يجب عليك اعتبار أن المشروع الذي تصنع له محتوى هو كائن حي، أن تدبّ فيه الحياة وتجعله ملازمًا لعملائك، كصديق لهم أو مُعلّم.. أن تخلق صورة ثابتة له في أعين العملاء، أن تختار بعناية كل ما يتعلّق بالمشروع، الألوان والكلمات واللغة وما إلى ذلك، حتى صوت مؤدي إعلاناتك الصوتية، كل ذلك يخلق الجو الزائف للعميل كي يُصدّقك وهذا شيء له أهمية كبيرة.
لا تجعل ذلك يحدث بمحض الصدفة بل يجب أن تكون كل خطوة محسوبة، ذلك يجعل المحتوى صادق وأقرب لقلوب وعقول الجمهور.
أخبرنا هل تحمست لقراءة كتاب اللغز وراء السطور؟
التعليقات: 1 On على طريقة كتاب اللغز وراء السطور | كيف تصبح صانع محتوى؟
Yes