إلى كل أم، تعمل في البيت أو خارجه، تسعى لتحقيق التوازن بين العمل والحياة..
ترغب في حياة هادئة وأسرة مستقرة وأطفال أسوياء..
ترغب في الشعور بالنجاح لكي تستمد منه قوتها..
إلى كل أم تهلك في البحث عن أفضل طرق تنظيم الوقت وتسعى بكل قوتها لكي لا تُقصّر في أي مسؤولية ملقاة على عاتقها.
لأنها أم، وامرأة، تحمل من الشجاعة ما يكفيها لمواجهة الواقع والتصالح معه، لأن عليها أن تكون نبعًا معطاءًا لا ينفد…
ولأنها تحب.. تحب أبنائها وشريك حياتها ونفسها، وقبل كل هؤلاء تحب ربها، وتسعى إلى نيل رضاه عن طريق رعاية رعاياها.
أنا هنا لكي أقدم لكِ هدية، من قلب أم مثلك، تعيش تجربتك، وسارت في هذا الطريق قبلك، فقررت أن أقدم لكِ تجربتي، وأشاركك كل مرات سقوطي، وكذلك مرات نهوضي، حصيلة تعبي لسنوات، ونتيجة ما واجهت من زلات، لكي نساند بعضنا للوصول إلى هدف مشترك، إنما هو بناء مجتمع قويم، يبدأ من أسرتك.
محتويات المقال
1. تنفسي..
عزيزتي، خذي نفسًا عميقًا، الآن!
هيا معي، شهييييق، زفيييير…
أنت بحاجة إلى هذا النشاط كل بضعة دقائق لكي تنعمي ببعض الهدوء اللحظي، لكي تسترخي قليلًا، وليس فقط النفس السريع الذي بالكاد يبقيكِ حية!
ولكن في نفس الوقت يطغى عليكِ التوتر والعجلة وعدم التركيز وشد الأعصاب بسبب البيئة المحيطة بك، هذه البيئة التي أدركها جيدًا 🥺
طفلك الصغير يصرخ يريدك أن تحمليه الآن، والأخرى تلح في طلب شيء رفضتيه مرارًا ولكنها لم تكل، وفي يدك هاتفك تتابعي سير العمل أو أمام شاشة حاسبك الشخصي “اللابتوب” تحاولين التركيز لإنهاء المهمة العاجلة، وفي وسط كل هذا الزحام وبعد محاولات عديدة للسيطرة على نفسك…
تصرخين!
ثم تبكين لأنك فشلتي للمرة الـ 1000 في السيطرة على انفعالاتك!
هذا السيناريو لا يحدث فقط لكل أم مثلي تعمل من المنزل، ولكنه يحدث لكل أم تعمل حتى مهام المنزل، أي عمل، في أي مكان، أي فعل تحاولين التركيز فيه ولكن الظروف لا تسمح لك.
2. تقبلي..
أنت أم ممتازة، نعم، أنا لا أجاملك…
ليس لي مصلحة في ذلك، بكل مرات إخفاقك وبكل أخطائك أنت حقًا رائعة!
عزيزتي، نحن لسنا روبوتات، نحن بشر، مفطورون على النقص، لكي نستمر في المحاولات.
ما فائدة أن يصل شخص إلى كل رغباته وأهدافه في وقت ما؟ ستتوقف حياته! ماذا سيفعل بعد ذلك؟ ولماذا يفعل؟
نحن هنا لكي نستمر في السعي، نستمر في الجهاد، ننجح مرة ونسقط مرات ثم ندرك أخطاءنا ونعيد المحاولة مرة أخرى، وهكذا…
لا تُحمِّلي نفسك ما لا لم يحملك الله، لم يرد منا الله أن نكون مثاليين ولا نخطئ أبدًا،
بل هو يحب عبده الأواب، الذي لا يمل من المحاولة بعد الإخفاق، والتوبة بعد المعصية. تقبلي إخفاقك وأخطائك، هذه الأخطاء فرص للتعلم. تكرار أخطائك لا ينفي أنك أم رائعة، بل إن تكرار محاولاتك تثبت ذلك.
3. اهدئي..
لنجرب معًا نشاطًا آخر…
الآن، أنتِ في الموقف نفسه، أولادك حولك، كل عنصر يحاول لفت انتباهك بمتطلباته، سواء أطفالك أو زوجك او حتى هاتفك الذي يرن أو جرس الباب، أي عنصر يتطلب منك استجابة الآن،
وفي وسط كل هذه الضوضاء، انظري إليهم، حاولي إدراك حقيقتهم. طفلك الذي يصرخ تأملي يديه الصغيرة، ملامحه البريئة،
سوف يساعدك هذا في إدراك حقيقة عمره وحقيقة عقله وحقيقة احتياجه إليك، حينها سوف تتلاشى رغبتك في الصراخ في وجهه!
أنت تحتاجين فقط إلى ترك كل شيء لثوانٍ لكي تدركي حجم الموقف الحقيقي ثم تقرري الاستجابة المناسبة،
لأن كل هذه المشتتات تثير غضبك وتهيج أعصابك، وبالتالي استجابتك ستكون غير مدروسة وخاطئة، لذلك عليك أن تمنحي نفسك بعض الهدوء، فقط لحظة صمت وتأمل.
طفلك لا يرغب في إزعاجك، هو يحبك، أنت كل ما يملك، فقط يحتاج مساعدتك لسد احتياجاته المختلفة، ولا شك أنه سيكبر ويعتمد على نفسه في وقت قريب، وهذه الأوقات ستبقى ذكرى.
4. تحرري..
إذا كان لديك بعض المشاكل أو الرواسب التي تحول بينك وبين حياتك السالمة والهادئة، يجب عليك أن تتخلصي منها، وأن تبدئي رحلة التعافي.
أهمية التعافي
كل إناء ينضح بما فيه. لن تفيدك كتب التربية والأمومة إذا لم تتعافي من بصمة الماضي، لأن -ببساطة- سوف تكررين كل ما حدث معك وما شهدتيه في حياتك السابقة،
وسلوكك أنت هو المعلم الأول لأطفالك، فهم يتعلمون بالتقليد لا بالتلقين، لذلك عليك مداواة نفسك والانتهاء من العمل عليها أولًا، ومن ثم البدء بالآخرين.
أرشح لك كتاب “أبي الذي أكره” للتعافي من أخطاء الماضي، هذا الكتاب لن يعلمك فقط كيف تتعافين من أخطاء الماضي،
بل سيعلمك كيف تتجنبين فعل نفس الأخطاء مع أولادك.
التحرر من المشاكل أو الندبات التي ترسخت بداخلنا منذ زمن بعيد لا يكون بالهروب منها، بل بالمواجهة والاعتراف، حيث نبحث في البداية عن المشكلة، ثم نقر بها، ومن ثم نبدأ في البحث عن حلول،
إما بزيارة أخصائي نفسي أو طبيب نفسي، أو بالبحث عن طرق أخرى من خلال استشارة المتخصصين أو من مر بتجارب مشابهة.
5. تعلّمي..
يساعدك الوعي والمعرفة على حسن التعامل مع نفسك والآخرين، لذلك عليك تزويد نفسك بالمعلومات دائمًا.
أهم الأمور التي يجب أن تعرفيها عن نفسك هي أهمية دورك، والأسباب التي تدفعك نحو هذه المسؤولية، دعيني أشعل لك مصباح المعرفة حول هذه الأمور..
المرأة هي البداية والنهاية
من أين يأتي شعورك بالمسؤولية؟
هذا الشعور الذي يحتم عليك مواصلة السعي رغم انعدام القدرة في كثير من الأحيان؟
يأتي شعور المسؤولية ذاك من شعورك بأهمية دورك، مهما حاول السفهاء تهميشه أو التقليل منه، ولكنه جليًا كضوء الشمس.
دعيني أذكرك لماذا نسعى ونواصل البحث عن أفضل الحلول وما مدى تأثير ذلك فينا وفي أجيالنا..؟
الهدف الأول والأخير هو:
عبادة الله: نحن هنا لكي نمتثل لأوامره ونواهيه، نكون خير خليفة في الأرض، نُعمِّر ونُعْلي كلمة الله كلمة الحق، نسعى لإعداد أمة إسلامية صالحة، قويمة، وقوية.
ودورك هنا لا يقتصر على إعداد أسرة تشارك بدورها في صلاح المجتمع، بل في إصلاح نفسك قبل أي شخص آخر، لكي تكوني نموذجًا يحتذى به، ومن ثم تستطيعين إنتاج وتنشئة جيل صالح يواصل بعدك المسيرة.
المشكلة ليست في العمل، بل في فقه الأمومة
هناك نساء عاملات مقصرات، وهناك نساء غير عاملات وشديدات الإهمال، وهناك أيضًا نساء عاملات حريصات على أطفالهن، المشكلة ليست في العمل، بل في وعيك، وإدراكك لمعنى كلمة “أم”.
إن لم تكوني تعرفي، فيجب عليك بدء رحلة نحو المعرفة، ومن ثم الوعي (أي ترجمة المعرفة إلى تغيير).
العالم مفتوح، والمصادر لا حصر لها.
ابدئي بالأنسب لك، بودكاست، مقاطع فيديو، برامج، كتب، أي شيء!
ادخلي وابحثي عن تحدياتك وتأكدي أنك ستصلين. 💚
أرشح لك حلقة “هل دمرت الرأسمالية الأسرة” من برنامج “مربع”
ابحثي عن الأسباب
يجب أن تعرفي سبب كل شيء تواجهينه!
- السبب وراء رغبتك في الشعور بالإنجاز
- السبب وراء فشل محاولاتك في التوازن بين العمل والحياة
- السبب الذي يدفع أولادك لفعل هذه التصرفات
- السبب الذي يدفعك لفعل بعض السلوكيات
وجود تفسيرات واضحة سوف يساعدك على الهدوء والصبر، واتخاذ ردود أفعال مناسبة أكثر. دعيني أجيب لك عن بعض هذه الأسئلة..
4 أسباب لعدم التوازن بين العمل والحياة
قبل أن أقدم لك أي إجابة تبحثين عنها، يجب أن أصارحك بعدة حقائق عن نفسك وعن هدفك، لكي تتمكنين من الاستمرار..
1. السعي إلى الكمال:
من أهم الأسباب التي تقف عائقًا بينك وبين التوازن بين العمل والحياة، هو نسيانك أننا بشرًا، فطرنا على النقص، ومن سعى للكمال هلك!
2. الإفراط في حق جانب على حساب باقي الجوانب:
التحيز إلى جهة معينة من جهات مسؤوليتك من أهم الأسباب وراء الخلل الذي تشعرين به، وقد تفعلين ذلك دون قصد.
3. العشوائية في إنجاز المهام:
عدم وجود روتين واضح ليومك يسبب لكِ الكثير من العشوائية التي تضيع الكثير من الوقت، وبالتالي يقلل من معدل إنجاز المهام، فتصابين بالإحباط، فتتأثر عزيمتك ورغبتك في المواصلة، وهكذا…
4. المبالغة في استقبال المهام:
استقبال أي مهمة في أي وقت قد يزيد من الكم المطلوب منك ومن الطبيعي ألا تستطيعين إنجاز كل هذا الكم الضخم من المهام في وقت واحد.
أسباب رغبتك في الشعور بالإنجاز
لا شك ان الشعور بالإنجاز من أهم مسببات السعادة، والتي نسعى ونميل إليها ميلًا فطريًا، كما أنه يشعرنا بالقوة والسيطرة، وكل هذه المشاعر مشاعر إيجابية تساعدنا على الاستمرار في حياتنا ونحن مستقرين.
كما أن إتمام المهام ينحي عنّا الشعور بالخزي والفشل والكسل، ويعزز بداخلنا الحس الإبداعي والتفكير الإيجابي، ببساطة يبقى عقلنا في وضع العمل.
6. دوِّني..
التدوين من أهم المهارات التي يجب عليك الاعتياد عليها من الآن فصاعدًا، هو أداتكِ السحرية التي تساعدك على تفريغ زحام أفكارك على الورق، ويساعدك أيضًا في تصفية ذهنك وتهدئة أعصابك.
من أهم الأسباب التي تزاحم الأفكار في عقلنا، هو أننا نبقيها مُعلَّقة في رأسنا طوال الوقت، فتظل تتصادم ويعلو صوتها وتصيبنا بالصداع والتوتر والعصبية ويترتب على ذلك كثير من الأمور السلبية.
ولكن بمجرد أن تكتبي كل ما يدور في رأسك وتفرغينه على الورق أو حتى أحد التطبيقات الرقمية للتدوين؛ تهدأ رأسك كثيرًا ويطمئن قلبك، مفعولها سحري صدقيني!
أهم 4 أشياء عليك تدوينها
1. المهام:
يجب عليك تدوين كل المهام المطلوبة منك في الفترة الحالية والقادمة القريبة، لكي تستخدمي هذه البيانات في الترتيب والتخطيط فيما بعد لسهولة وسرعة إنجازها.
2. الأهداف:
يجب أن تكتبي أهدافك سواء الكبيرة طويلة الأجل أو الصغيرة قصيرة الأجل، فوجودها أمامك طوال الوقت يشجعك ويذكرك بها.
3. الأحداث الهامة في يومك:
يجب عليك تدوين أهم ما حدث في يومك سواء إيجابي أو سلبي…
الإيجابي سوف يُحمِّسك ويسعدك كلما تذكرتيه..
أما السلبي فسوف تتعلمين منه لكي تتجنبي حدوثه مرة أخرى أو تحسني التصرف معه في المرات القادمة.
4. مشاكلك ومعوقات نجاحك:
يجب عليك الانتباه لكل ما يشتت انتباهك ويتسبب في فشل محاولاتك، ثم تذكريه وتتعرفي عليه جيدًا لكي تتجنبي حدوثه مرة أخرى.
هذه أهم الأشياء، ولكن أنا أفضل أن تتعلمي كتابة كل شيء، واختاري مكان مناسب للاحتفاظ بهذه المفكرة بعيدًا عن متناول الأطفال😁
تفريغ كل شيء على الورق سوف يساعدك على إعطائه حجمه الحقيقي من الاهتمام. أرشح لك فيديو التدوين لأحمد أبو زيد.
6. خططي..
وأخيرًا، التخطيط، هذه المهارة السحرية التي تنقلك 180 درجة وتساعدك على استغلال وقتك كما ينبغي.
من أهم الأشياء التي ساعدتني على الإصرار على التخطيط هي “مفكرة مساحتي”
لأن جودة المفكرة ومحتواها وتفاصيلها اضطرتني للبحث عن طرق التخطيط والتدوين فيها لكي أحسن استخدامها، لأنني لن أقوى على خسارة مفكرة مثل هذه وتضييعها مثل كل مفكراتي السابقة،
فهي لا تستحق ذلك، نظرًا لقوة منهجها وتقسيماتها التي تشجعك على التخطيط المريح، لذلك بدأت باستغلالها والتخطيط فيها لعامي الحالي لكي أخرج بأفضل نتيجة. ومن أهم الأمور المرتبطة بالتخطيط هو
ترتيب الأولويات
هل تتذكرين قائمة المهام التي طلبت منك تدوينها في مفكرتك؟ جاء دورها الآن!
من أهم فروع التخطيط هو ترتيب المهام وتحديد الأولويات، لكي تعرفي بأي مهمة تبدئي وبأي مهمة تنهي أو حتى تتركي! وسوف تجدين تفاصيل هذه الطريقة في الترشيحات التي سوف أذكرها لك الآن..
هناك العديد من المقاطع التي تساعدك في التخطيط وتعلمك مدى أهميته:
أرشح لك:
- فيديو “أحمد أبو زيد” عن التخطيط
- حلقة المهارات الحياتية في برنامج “مربع”.
- قراءة الكتب التي تساعدك في رحلتك، مثل: “تربية الأولاد في الإسلام” لعبد الله ناصح علوان،
“العادات السبع للناس الأكثر فاعلية” لاستيفن كوفي
“إدارة الوقت” لإبراهيم الفقي
كتاب “طفلي” لنايف القرشي.
أما عن باقي الترشيحات التي تساعدك في حياتك العملية، فسوف تجديها أيضًا في مفكرة مساحتي.
تجربتي كـ صانعة محتوى وأم أيضًا
مسؤولية التوازن بين العمل والحياة تكون أصعب على الأم التي تعمل في مجال صناعة المحتوى، وخصوصًا إن كانت تعمل من المنزل.
فصناعة المحتوى تتطلب الكثير من الإبداع والقدرة على التقاط الأفكار، وكيف لك أن تفعلي ذلك مع كل هذه المشتتات من حولك!
لذلك يكون الأمر تحديًا كبيرًا بالنسبة لنا.
أما عن العمل من المنزل، فهو تحدي أكبر، لأنه يضم كل جوانب مسؤولياتك معًا في مكان واحد، وبمجرد وجودك في المكان يعني للجميع أنك متاحة ويبدأوا في الطلب، وتبدأ معهم معاناتك.
ولكن صدقيني، برغم كل هذه الصعوبات، إلا أن الأمر ليس مستحيلًا مع تنفيذ النصائح السابقة،
ولا تنس أن تتنفسي نفسًا عميقًا في كل ثانية تشعرين فيها أن الضغط يقترب، التنفس يجعل تركيزك أقوى في اللحظة الحالية، ويساعد عقلك على الهدوء..
وفي النهاية، لا تخافي من المسؤولية يا عزيزتي، فالمسؤولية والمهام نعمة، أما الفراغ نقمة!
هذه المسؤوليات التي تساق إليك دليلًا على أنك شخص جدير بالثقة، وإتمامها يزيد من ثقتك بنفسك ومن ميزان حسناتك لا شك.
بعد أن أعطيتك خلاصة تجربتي، يجب أن أذكرك بشيء مهم جدًا، يكاد يكون أهم من كل ما سبق!
وهو الدعاااء… الدعاء يجب أن يكون صديقك الصدوق، رفيق دربك وعونك وملجئك في أي وقت وفي أبسط الأمور،
ادع بكل شيء، اطلبي من الله كل ما ترغبين فيه مهما كان، وكوني على يقين شديد أنه مجيب الدعاء وأنه لن يأتي إلا بالخير.
